دروس في القيادة مستوحاة من حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

على مر العصور ظل المؤرخون المسلمون وغير المسلمين يؤلفون كتبا عديدة حول الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كقائد، مع التركيز على صفات شخصيته المهداة بهدي الإله، شخصية خاتم الأنبياء، وهذا حسب المعتقدات الإسلامية. لكن، برزت في القرن الماضي مدرسة حديثة عقلية للفكر الإسلامي تدرس شخصية الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كقائد ذي هيبة وتأثير كبيرين، وليس فقط كرسول من الله.

من رواد هذه المدرسة السيد سيد أحمد خان وشبلي النعماني في الهند، والشيخ محمد عبده ورشيد رضا في العالم العربي، وسعوا مع غيرهم من العقليين للتقليص من الطبيعة المعجزة لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعويض ذلك بالتركيز على الأبعاد العقلية والإنسانية لشخصيته. كما تقوم تأويلاتهم على مجالات الفكر الحديثة، فيتحدثون عن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كرجل دولة ورجل أعمال، وكقائد سياسي، ثم كمرشد روحي.

ومن الممكن إدراج كتاب العالم البريطاني المتخصص في مجال التدبير"قيادة محمد" ضمن هذه المدرسة الفكرية مع انه ليس مسلما حديثا. كما أن طرح اداير يختلف عن طرح أغلب كُتاب السيرة المسلمين في بعض الأساليب.

أولها ان اداير يركز على سياق المبادئ الأخلاقية المجردة وذلك مع تسليط الضوء على الخصال القيادية. كما أن سرده غني بحوارات الممارسات القبلية والعادات والتقاليد الثقافية التي شكلت المحيط والثقافة التي اشتغل بها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وإذا كان هدف اداير بيان أن أسلوب القيادة يجب أن يوافق السياق الثقافي الذي يطبق فيه، فقد نجح في ذلك بامتياز. فيسرد واقعة تلو واقعة، موضحا أن فهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) للقواعد السلوكية القبلية للجزيرة العربية مكنته من ان يصبح قائدا ملهما ومسيرا فعالا.

ثانيها أن أسلوب اداير السردي "إبراهيمي" جدا، فهو يرجع إلى المبادئ الإنجيلية وأقوال الأنبياء بينما يقوم بشرح القرارات التي اتخذها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، كما أنه حين يناقش كلمة راع، وكيف أنها مجاز مناسب تماما لفهم القيادة، يستحضر أوجه التشابه بين الأنبياء محمد وموسى وداود (عليهم السلام) والذين كانو جميعهم رعاة للغنم. وأخيرا فإن اداير ركز بالخصوص على الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كقائد، بخلاف الكتاب الآخرين، فهو لا يصب اهتمامه حولتعظيم الإسلام وتعاليمه وهذا مكنه من أن يتفرد بهذا الخوض العميق في اغوار تلك الخصال التي ميزت شخصية الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وذلك السياق الثقافي الذي ميز زمانه والذي يساعد على توضيح صفاته القيادية.

وقد استعمل اداير مجازات مثل 'الراعي' ونعوت مثل 'متواضع' و'شجاع' لوصف تصوره للقائد، فالراعي الجيد يرشد غنمه ويوحدها ويعمل على توفير الراحة لها دون أن يجز صوفها، كما أنه يهتم بكل واحد منها على حدة، وقد رأى اداير في الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كل صفات الراعي الجيد، فهو لم يكن فقط يهتم براحة كل فرد من أفراد جماعته، بل كان مصمما على هدفه لحماية مهمته ككل.

وبأسلوب مشوق يقدم الكتاب عدة درر حول الحكمة التي يجب أن تكون اساسا للقيادة، وكيف يمكن تطويرها وفهمها. كما أنه أيضا كتاب سلس الاسلوب عن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يروي قصة رجل مميز جدا، رجل كان في نفس الوقت قائدا تجاريا وسلطة سياسية وناشطا جماعيا ومقاولا اجتماعيا ومصدرا إلاهيا ونموذجا إنسانيا.

ويعتقد اداير أن على القادة أن يتقدموا الصف وأن يكونوا مثالا يقتدى، ولذلك عليهم تجنب الغرور ونبذ الإهانة، كما عليهم أن يتصفوا بالصدق وأن يكونوا على استعداد للمشاركة بأي عمل صعب مع الأتباع، بالإضافة إلى ذلك عليهم أن يوفروا الرؤية والتوجيه لضمان نجاح النظام. ولهذا فكل من رغب في قراءة هذا الكتاب للاطلاع على مفهوم القيادة المعقد لن يرجع خائبا.

ومن الواضح أن لاداير وجهات نظر قوية حول ماهية القيادة وكيف يجب ان يتم تطويرها وتوظيفها في شتى مضارب الحياة، فهو يؤمن بفضائل القيادة وقيمها. والنجاح في نظر اداير عائد للقيادة، فمحمد الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي حول الجزيرة العربية ومعظم العالم من خلال تعاليمه وعبره، لم يكن ليحقق ذلك النجاح دون ان يكون قائدا جيدا. وهذه هي الفكرة المضمنة التي ينطوي عليها محتوى الكتاب.

انطلاقا من هذه الفكرة المضمنة فقد قام اداير بسبر أغوار حياة رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم)، وذلك ليسلط الضوء على اللحظات والأحداث التي تتجلى من خلالها صفاته الخارقة كقائد، وفطنته التى مكنته من الاستغلال الصحيح لهذه الخصال. ومن بين هذه الأحداث ما روي حول لقاء الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) باحد صحابته وذلك في غضون رسمه لتشكيلة جيش المسلمين قبل معركة بدرالتي كانت فتحا عسكريا مبكرا للدين الجديد:

عندما كان رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) ينظم صفوف المجاهدين ممسكا قدحا في يده رأى اعوجاجا في الصف وذلك لأن الصحابي سواد بن عزيّة كان يقف خارجه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ونغز سوادا في بطنه وقال: ' استو يا سواد '، فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني من نفسك! فابتسم النبي (صلى الله عليه وسلم) وكشف عن بطنه الشريفة وقال:' اقتص يا سواد'. فانكب سواد على بطن النبي يقبلها.يقول: هذا ما أردت وقال: يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن تمس جلدي جلدك، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير. وهذا مثال للجنود الذين لن تخسر معهم معركة.

وفي سياق آخر يستعرض اداير الأحداث التي تصور الحب والتقدير اللذين أمطر بهما الصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويقال: "يمكن أن يتم تعيينك مشرفا أو مسيرا، لكنك لن تصبح قائدا إلا إذا صدق تعيينك قلوب وعقول من تقودهم".

وكتاب اداير ليس بدراسة علمية أو منهجية للموضوع، وإنما هو كتاب صغير يشير الى القرارات النبوية، فعدد صفحاته المائة والسبعة عشر تجعله كتابا مختصرا يمكن قراءته في رحلة عمل واحدة. وهو كتاب جيد يوصى بقرائته، إلا أنه يلاحظ على الكاتب فشله في الاكتشاف والإشارة إلى ان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يقدر رأي ونصيحة المرأة مهما بلغت جدية القرارات. وتجسد إحدىقصص الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذه الصفة:

بعد أن وافق الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) على شروط صلح الحديبية التي نصتها قريش، غضب الصحابة لأن شروط المعاهدة كانت لصالح العدو، فرفضوا طاعته حين أمرهم بالذبح وإتمام مناسك الحج، فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم، ودخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالقك فيحلقك. فقام الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج فلم يكلم أحدًا حتى نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأىالناس ذلك قاموا فنحروا إبلهم، وجعل بعضهم يحلق لبعض. وهكذا اجتنب قيام أية ثورة.

في الوقت الذي يملؤ فيه المحيط العام بالمنشورات التي تدعم ما يجعل الناس يخافون من الإسلام وتجعل من رسول االله صلى الله عليه وسلم غرضا للرسومات التي تقلل من شأنه ومن شأن الإيمان بالدين الإسلامي، تأتي هذه الدرة النفيسة التي يدور محورها حول دروس القيادة المستقاة من حياته صلى الله عليه وسلم لتريح البال وتهدئ النفس.

الدكتور مقتدر خان: وهو أستاذ مساعد في شعبة العلوم السياسية والعلاقات الدولية الاسلامية في جامعة ديلاور، وهو عضو في معهد الأسلوب والتفاهم الاجتماعي. كما انه قام بكتابة العديدي من الكتب من بينها "المسلمون الأمريكيون: الوصل بين الإيمان والحرية" (2002) و"مناقشة الإسلام المعتدل: الجغرافيا السياسية للإسلام والغرب" (2007).

تـسـلـم الاآيادي

واياديك

حبيبي يارسول الله...اعظم قائد والله
مشكوره سلمى
سلام

لا شكر على واجب

كلام احلا من الحلو
مشكواررررررررررررررررررر

عليه أإفضل أإلصـــلأه وأإلسلأم وع أإله أإلطيبون أإلطأإهرون

تسلمي سلمى

اللهم صلي على محمد

جزاكم الله خير