تعاريف ومبادئ في علم السموم
تعريف السم
يعرف السم بأنه أي مادة إذا دخلت الجسم بكمية كافية أحدثت فيه اضطراباً مؤقتاً أو دائماً، أو أدت إلى الوفاة ويتميز التسمم بأن أعراضه تتدرج في أكثر الأحيان وتتناسب شدتها مع نوع ومقدار السم الداخل للجسم.
تصنيف السموم: يوجد تصنيفات عديدة للسموم التقسيم الأول يعتمد على تبويب السموم حسب تأثيراها على الجسم إلى ثلاثة أقسام:
السموم الموضعية: وهى التي تؤثر على الأنسجة التي تتلامس معها أي تؤثر موضعياً عند ملامستها لأنسجة الجسم وليس لها أي تأثير آخر حيث إنها لا تمتص وتسمى هذه السموم الأكالةكالأحماض والقلويات المركزة.
السموم التي تؤثر على الوظائف الفسيولوجية للخلايا: وهي السموم التي ليس لها أي تأثير موضعي ولكن تأثيرها يظهر بعد الامتصاص حيث تؤثر وتخل بسير التفاعلات الكيميائية مثل السيانيد الذي يمنع الخلايا من استعمال الأكسجين ومثل أول أكسيد الكربون الذي يحول الهيموجلوبين إلى كاربوكسي هيموجلوبين غير صالح لنقل الأكسجين للأنسجة. ويدخل في هذا القسم معظم الأدوية والمخدرات (كالأفيون ومشتقاته).
سموم تؤثر بالطريقتين معاً: وهي سموم تؤثر موضعياً بملامستها الجسم ، كما تؤثر بعد امتصاصها على الأجهزة المختلفة بالجسم تبعاً لنوع السم ، وتشمل هذه الفئة معظم الأملاح المعدنية كأملاح الزرنيخ والزئبق والرصاص ويسميها البعض بالسموم المهيجة.
أماالتقسيم الثاني فحسب طبيعتها وهي:
(1) السموم الأكالة: مثل الأحماض والقلويات المركزة.
(2) السموم المعدنية: مثل الزئبق والرصاص والزرنيخ.
(3) السموم النباتية: مثل أشباه القلوياتوالديجيتال وعش الغراب.
(4) السموم الغازية: مثل أول أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين وغازات الحروب.
(5) السموم الطيارة: كالكحول والبنزين وحمض السيانيد.
(6) السموم العضوية: كالتسمم بالأدوية المختلفة والمخدرات والمبيدات الحشرية.
(7) السموم الحيوانية: مثل سم العقارب والثعابين والعناكب.
دورة السم في الجسم
يتبع السم دورة خاصة في الجسم حيث يدخل الجسم من طرق مختلفة ويجول في الدم ثم يؤثر على بعض الأعضاء حيث ينقلب إلي مركبات أخرى تطرد بعد ذلك إلى الخارج.
(1) طرق الدخول: يتم دخول السم في أغلب الأحيان عن طريق القناة الهضمية، وقد يسبب في هذه الحالة حدوث قيء وإسهال يساعدان علي خروج كمية منه، تمتص السموم من الغشاء المخاطي للمعدة والأمعاء، ويتعلق هذا الأمر بعوامل متعددة أهمها مدى ذوبان السم في الدهون ودرجة تأينه. أما دخول السم عن طريق الرئتين فهو شديد الخطر لأن السم يصل مباشرة إلى الدورة الدموية دون أن يمر بالكبد الذي يوقف جزءاً من السموم الداخلة عن طريق الفم كما أن بعض السموم لها تأثير سام على النسيج الرئوي كالغازات والأبخرة المهيجة.
أما عن طريق الجلد فممكن القول بوجه عام إن المواد المذابة في الدهون تجتاز الجلد بسهولة أكثر بكثير من المواد المذابة في الماء ويلعب المذيب دوراً هاماً في تسهيل مرور المادة السامة عبر الجلد. أما دخول السموم عن طريق الحقن بالوريد أو تحت الجلد فهذا غير شائع إلا بين مدمني المخدرات وكذلك الأمر عن طريق دخولها خلال الأغشية المخاطية المغلفة للفم والمهبل والمستقيم.
(2) توزيع السم واستقراره: متى وصلت السموم إلى الدم فإنها لا تلبث أن تستقر في بعض الأعضاء حسب نوعها فالكبد تستقر به عدد كبير من السموم مثل السموم المعدنية (الزرنيخ والرصاص والبنزين) يتركز في النخاع العظمي والمنومات والمبنجات فإنها تستقر في الجهاز العصبي، بينما يتركز الديجيتال في العضلة القلبية، كما أن المبيدات الحشرية وبخاصة مجموعة المركبات الكلورية العضوية ،تتركز في الأنسجة الدهنية حيث تبقي لسنوات عديدة.
(3) الإستقلاب : تتعرض السموم بعد دخولها إلي عدد من التحولاتتحولها إلي مواد أكثر استقطابايسهل طردها خارج الجسم وتتم هذه التحويلات عادة علي مرحلتين:
*المرحلة الأولى: يجري فيها أكسدة أو اختزال أو حلمهةهذه السموم ويحفز هذه العمليات الكيميائية عدد من الإنزيمات الموجودة بخاصة في خلايا الكبد ومن أهم هذه الإنزيمات التي تساهم في الأكسدة إنزيم (cytochrome p 450) والذي يوجد بتركيز عال في الخلايا الكبدية.
المرحلة الثانية: يتم فيها اقتران( نتائج المرحلة الأولي ببعض الجذور ) مثل الاقتران بحمض الجلوكورونيكأو الجليسينأو الأستلةأو الاقتران الكبريتي و تهدف هذه التحولات إلي جعل المادة السامة أقل سمية وأكثر استقطاباً ، مما يسهل طرحها من خارج الجسم عن طريق الجهاز البولي بشكل خاص ، إلا أن بعض هذه التحولات قد تؤدي إلي تشكيل مركبات أكثر سمية وأذي من المادة الأصلية. مثال ذلك أكسدة الكحول الميثيلى إلي الفورمالدهايد التي تسبب العمى الذي يحدث عند المتسممين بهذا الكحول.
(4) طرح (إفراغ) السموم : تفرغ السموم من عدة طرق أهمها الطريق البولي والصفراوي كما أن تفرغ السموم الغازية والطيارة كغاز أول أكسيد الكربون والكحول عن الرئتين كما أن الزئبق يفرغ عن طريق الأمعاء الغليظة واللعاب كما يساهم العرق واللبن في إفراغ بعض السموم إلا أن طريق الكلية تبقي الطريق الرئيسي لإفراغ السموم بشكل عام.
العوامل التي تؤثر في التسمم
يختلف مصير المادة السامة التي تدخل الجسم من شخص لآخر ويعود ذلك إلى العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي تتدخل في امتصاص السم وتوزيعه وتحويله وإفراغه.
(1) العوامل الوراثية (الجينيةGenetic ): يعود تأثير المواد السامة الشديد على بعض الأشخاص إلى إصابتهم بخلل خلقي في الإنزيمات اللازمة لاستقلاب(metabolism ) هذه المادة السامة ، ومثال ذلك أن الأشخاص المصابين بنقص الإنزيمG6PDعرضة لتكسير في خلايا الدم عند تعرضهم للأسبرين.
(2) العمر: لقد تبين أن فعالية معظم الأنزيمات اللازمة لاستقلاب السموم ولاسيما عملية الاقترانتكون أضعف عند الأطفال الرضع والشيوخ منها عند البالغين، لذلك فأن هؤلاء أكثر تأثراً بالسم.
(3) الحمل: تضعف أثناء الحمل وأثناء تناول أدوية منع الحمل فعالية الإنزيمات التي تساهم في استقلاب السموم ولاسيما إنزيم السيتوكروم كما تنخفض بشدة القدرة علي الاقتران في أواخر الحمل، وتؤدي هذه الاضطرابات إلي زيادة تأثر المرأة الحامل بالمواد السامة.
(4) الحالة الغذائية للمتسمم: إذا كانت المعدة خالية من الطعام ، فإن ذلك يزيد من امتصاص السم وظهور الأعراض المرضية . كما أن نوع الغذاء الموجود في المعدة أثراً في سرعة الامتصاص فالأغذية الدهنية تؤخر الإفراغ وبالتالي تؤخر وصول السم إلي الأمعاء وامتصاصه منها.
(5) الحالة الصحية للمتسمم: ينقص قصور الكبد قدرته علي استقلاب السموم ويزيد من تأثيراها السيء علي الجسم وينطبق الأمر نفسه علي قصور الكلية الذي يقلل من إفراغ السموم ويزيد من تأثيراتها السامة وبالمقابل نجد أن بعض الأمراض تجعل المصاب بها أكثر تحملاً لبعض السموم من الأصحاء، كما هو الأمر عند المصابين بالهياج الذين يتحملون المنومات والمهدئات بكميات أكبر بكثير مما يتحمله الأصحاء.
(6) التعود : إن تناول السموم بمقادير قليلة ومتدرجة في الزيادة ، بفترات متباعدة نوعاً ما يؤدى إلي تعود الشخص ،أي أن جسمه يصبح مقاوماً لتأثير هذه المادة السامة إذا أخذت بمقادير مؤذية لأشخاص ، آخرين .والاعتياد يسهل علي السموم العضوية كالمورفين والكوكايين والكحول فالمدمنون علي تناول هذه السموم يتحملون مقادير كبيرة قاتلة للأشخاص العاديين .